والحكم العاشر هو قوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ" عن الفاحشة العفيفات عن قربانها نقيات القلوب من كل سوء، الطاهرات من كلّ عيب، كعائشة رضي اللّه عنها "الْمُؤْمِناتِ" بكل ما جاء عن اللّه المصدقات لرسوله وكتابه بعد نزول هذه الآيات المبرئات للسيدة عائشة مما رميت به "لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ" (٢٣) فيها أيضا، وهذا المعنى الكبير الغليظ خاص بمن يرمي السّيدة عائشة بعد إعلان نزاهتها من اللّه تعالى حقا وجمع الضّمير باعتبار ان رميها رمي لسائر أمهات المؤمنين ويدل على التخصيص قوله تعالى "يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ" بما أشاروا فيها "وَأَرْجُلُهُمْ" على المشي بها لبعضهم المتفوه بالإفك جزاء "بِما كانُوا يَعْمَلُونَ" (٢٤) من القبيح، لأنه رمي أي قذف يستوجب العقوبة سواء أكان بالكلام أم بالإشارة.
مطلب في كفر من يقذف السّيدة عائشة بعد بيان هذه الأحكام العشرة المبينة بالآيات في أول السّورة إلى هنا وقصة الإفك :
ومما يدل على تخصيص هذه الآيات بالسيدة عائشة لأن رميها بما بهت عليها كفر ورمي سائر النّساء من غير أمهات المؤمنين لا يعد كفرا، وإن رميها رضي اللّه عنها بعد نزول هذه الآيات كفر بلا خلاق، لأنه جحد لكلام اللّه، أما قبل نزولها فلا يعد كفرا بل يستحق الحد الشّرعي المار ذكره أول السّورة، ولأن رميها بعد النّزول يعد استباحة بقصد الطّعن بحضرة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلم، مثل الخبيث عبد اللّه بن سلول الممعن في عداوة حضرة الرّسول، إذ كان مصرا على رمي السّيدة عائشة قبل نزول الآيات وبعدها، قاتله اللّه ولهذا لم يوفقه اللّه للتوبة ولا للإيمان ومات على نفاقه وإصراره، أما حسان ومسطح وحمنه فإنهم لم يستبيحوا ذلك ولم


الصفحة التالية
Icon