صدر منكم من ذلك، ولا تعودوا اليه أبدا، وان ما وقع منكم من ذلك قبل صدور هذه الآية فهو عفو، أما بعدها فلا، إذ جاءكم النّهي من ربكم، فاتعظوا أو لا تفعلوا منه شيئا، واعملوا بما أمرتم به "لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (٣١) فتفوزون بخير الدّنيا والآخرة، وانما وصى اللّه عباده بالتوبة
لأنهم لا يخلون من خطأ وإن حرصوا كلّ الحرص، وقد وعدهم بالفلاح ترغيبا لملازمتهم التوبة وأحوج النّاس إليها من يرى نفسه أن ليس له حاجة بها، لأنه غافل لاه والغافل أكثر النّاس وقوعا بالخطا.
وبعد أن ذكر اللّه تعالى هذه الآداب الثلاثة المحتوية على آداب ثلاثة شرع يبين احكاما أخر غير الأحد عشر الأولى فقال جل قوله "وَأَنْكِحُوا الْأَيامى " الغير متزوجين رجالا أو نساء "مِنْكُمْ" أيها الأحرار "وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ" عبيدكم المذكورين "وَإِمائِكُمْ" عبداتكم الصّالحات "إِنْ يَكُونُوا" هؤلاء الأيامى "فُقَراءَ" لا مال لهم فاعطوهم على فقرهم وزوجوهم "يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" الوافر العميم، واحذروا أن يمنعكم الفقر من التزويج والزواج، فإن اللّه وعد عليهما الغنى
"وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ" (٣٢) ؟ ؟ بهم قادر على سد حاجتهم بل على إغنائهم من فضله وكرمه وإعطائهم أكثر منكم، الا لا يمتنع الرّجل أن يزوج ابنته من الفقير لأن اللّه قد يغنيه بمقتضى هذه الآية، روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال قال صلّى اللّه عليه وسلم يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء أي قطع لمادة الشّهوة، لأن الوجاء رض الخصيتين وهو نوع من الخصاء.
والباءة النّكاح.


الصفحة التالية
Icon