وما قيل بأنه مثل لعبده المؤمن وحواسه السّيارات السّبع أو أنه مثل للقرآن يخالفه ظاهره وان كان فيه ما ذكروه من المعاني، وان سبب عدولهم عن ظاهر القرآن زيادة في تنزيه الحق جل ذكره بان يكون لنوره مثل، وهو كذلك، إلا أن اللّه تعالى يضرب الأمثال بما يفهمه خلقه ويشاهدونه كي يستدلوا به عليه ليس الا، وضرب المثل لا يكون الا بالمحسوس، وإلّا فلا فائدة به، لأن اللّه تعالى خاطب عباده بما يعقلون، وأمر رسوله أن يكلمهم بما يفهمون، راجع الآية ٢٦ من البقرة المارة وما ترشدك اليه في معنى ضرب المثل "يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ" الموصوف هداية خاصة موصلة إلى المطلوب حتما "مَنْ يَشاءُ" من عباده بالهام منه فيوفقه لاصابة الحق بأقواله وأفعاله وإشارته وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ" تقريبا لا فهامهم وتسهيلا لسبل ادراكهم ليستأنسوا بالمحسوسات إلى المعقولات، وبالمشاهدات إلى الغائبات "وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (٣٥) من ضرب الأمثال وما تدركه مخلوقاته وما لا، ويبين لكم ما يمكن أن تعلموه، وتلك المشكاة الموصوفة "فِي" جدار "بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ لها أَنْ تُرْفَعَ" وتعظم وتفخم، فلا يذكر فيها الغير وهي المساجد، لأنها أشرف بقاع الأرض غير ما ضم أجساد الأنبياء منها عليهم