أي الرّسول المأمورين بطاعته "ما حُمِّلَ" من تبليغ الرّسالة التي كلف بها وأمر باعلانها، وقد قام بذلك وخرج عن عهدة ما كلف به "وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ" أيها المؤمنون من الإجابة والامتثال حالة كونكم مخلصين بهما صادقين، وإلّا فقد عرّضتم أنفسكم لسخط اللّه وعذابه "وَإِنْ تُطِيعُوهُ" فيما يأمركم وينهاكم "تَهْتَدُوا" إلى الحق وترشدوا إلى النّجاة "وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ" (٥٤) وليس عليه أن يقسركم على نفعكم بالسيف لأن ذلك خاص بالمشركين وفرقة ثالثة صدقت ظاهرا وباطنا وهم المؤمنون المخلصون المذكورون في قوله تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ" فيجعل منهم ملوكا وأمراء وحكاما ويورثهم أراضي الكفار والحكم عليهم "كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" عليها كداود وسليمان عليهما السّلام وكما استخلف بني إسرائيل وسلطهم على الجبارين بمصر والشّام وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم بعد أن كانوا أضعف النّاس وأهونهم إذ كانوا تقتل رجالهم وتستحيا نساؤهم للخدمة وغيرها كما أشار إليه في سور طه والشّعراء والنّمل والقصص والأعراف وغيرها في ج ١ ويونس وهود والمؤمن وغيرها في ج ٢ وفي سورة البقرة أيضا "وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ" وهو دين الإسلام الذي لا يقبل اللّه غيره فيسود الأرض إن شاء اللّه وتثبت دعائمه فيها، فيظهر حكمه على أهلها طوعا أو كرها "وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ" الذي كانوا فيه الذي كانوا ولم يزالوا بشيء منه "أَمْناً" على أنفسهم وأموالهم وأهليهم وقراهم بحيث يخافهم النّاس ولا يخافونهم، وإنما فعل ويفعل اللّه تعالى إن شاء لهم ذلك لأنهم "يَعْبُدُونَنِي" أنا اللّه وحدي علنا في كلّ مكان "لا يُشْرِكُونَ بِي