قال تعالى مؤيدا ما تقدم في الآية السّابقة "وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا" في جميع الأوقات لأنهم خرجوا من سن الطّفولة والتمييز وصار حكمهم حكم الكبار "كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" الأحرار الكبار، لأنهم صاروا مثلهم "كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ" ليهذّبكم وينقيكم من كلّ ما ينتقد به "وَاللَّهُ عَلِيمٌ" بخلقه وبما يصلحهم ويحسن أمورهم "حَكِيمٌ" (٥٩) فيما شرعه لهم وبعد أن ذكر اللّه تعالى ما يتعلق بالآداب ذكر أحكاما تتعلق بالأحكام المارة، فقال جل قوله "وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ" اللاتي قعدن عن الحيض والحبل بكرهن وعجزهن وقطع أملهن من الزواج، وهن "اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً" بعد ما وصلن إليه من الحال "فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ"
الظاهرة كالملاءة والجلباب الذي فوق الخمار أمام الرّجال، إذ لا مطمع فيهنّ على شرط أن يكنّ "غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ" ما حيث يجب عليهن ستر النّحر والسّاق والمقعد وما فيها من الحلي، راجع قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) في الآية ٣٥ المارة "وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ" عن وضع تلك الثياب فيغطين أنواع الزينة ومواضعها كافة بأن يسترنها كلها فهو "خَيْرٌ لَهُنَّ" لئلا يرمين بسوء أو يغتبن بسبب ذلك لأن الشّيخ والعجوز إذا تزينا بما هو من شأن الشّاب والشّابة تلوكهما ألسنة النّاس كما قيل :
عجوز ترجّى أن تكون صبية وقد لحب الجنبان واحدودب الظّهر
تدس إلى العطار ميرة أهلها وهل يصلح العطار ما أفسد الدّهر
وما غرني فيها إلّا خضاب كفوفها وكحل بعينيها وأثوابها العطر
نبيت بها قبل المحاق بليلة فكان محافا كله ذلك الشّهر


الصفحة التالية
Icon