أما الصورة فلأن الزنا عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم قطعاً، والدبر أيضاً فرج لأن القبل إنما سمى فرجاً لما فيه من الانفراج، وهذا المعنى حاصل في الدبر أكثر ما في الباب أن في العرف لا تسمى اللواطة زنا ولكن هذا لا يقدح في أصل اللغة، كما يقال هذا طبيب وليس بعالم مع أن الطب علم، وأما المعنى فلأن الزنا قضاء للشهوة من محل مشتهى طبعاً على جهة الحرام المحض، وهذا موجود في اللواط لأن القبل والدبر يشتهيان لأنهما يشتركان في المعاني التي هي متعلق الشهوة من الحرارة واللين وضيق المدخل، ولذلك فإن من يقول بالطبائع لا يفرق بين المحلين، وإنما المفرق هو الشرع في التحريم والتحليل، فهذا حجة من قال اللواط داخل تحت اسم الزنا، وأما الأكثرون من أصحابنا فقد سلموا أن اللواط غير داخل تحت اسم الزنا واحتجوا عليه بوجوه : أحدها : العرف المشهور من أن هذا لواط وليس بزنا وبالعكس والأصل عدم التغيير وثانيها : لو حلف لا يزني فلاط لا يحنث وثالثها : أن الصحابة اختلفوا في حكم اللواط وكانوا عالمين باللغة فلو سمي اللواط زناً لأغناهم نص الكتاب في حد الزنا عن الاختلاف والاجتهاد، وأما الحديث فهو محمول على الإثم بدليل قوله عليه الصلاة والسلام :" إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان " وقال عليه الصلاة والسلام :" اليدان تزنيان والعينان تزنيان " وأما القياس فبعيد لأن الفرج وإن كان سمي فرجاً لما فيه من الانفراج فلا يجب أن يسمى كل ما فيه انفراج بالفرج وإلا لكان الفم والعين فرجاً، وأيضاً فهم سموا النجم نجماً لظهوره، ثم ما سموا كل ظاهر نجماً.


الصفحة التالية
Icon