واعلم أن أكثر المجتهدين متفقون على أن المحصن يرجم ولا يجلد، واحتجوا عليه بأمور : أحدها : قصة العسيف فإنه عليه السلام قال :" يا أنيس اغد إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها " ولم يذكر الجلد ولو وجب الجلد مع الرجم لذكره وثانيها : أن قصة ماعز رويت من جهات مختلفة ولم يذكر في شيء منها مع الرجم جلد، ولو كان الجلد معتبراً مع الرجم لجلده النبي عليه السلام ولو جلده لنقل كما نقل الرجم إذ ليس أحدهما بالنقل أولى من الآخر، وكذا في قصة الغامدية حين أقرت بالزنا فرجمها رسول الله ﷺ بعد أن وضعت ولو جلدها لنقل ذلك وثالثها : ما روى الزهري عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهم قال قال عمر رضي الله عنه قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله تعالى فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، وقد قرأنا : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها ألبتة، رجم رسول الله ﷺ فرجمنا بعده، فأخبر أن الذي فرضه الله تعالى هو الرجم ولو كان الجلد واجباً مع الرجم لذكره أما الجواب : عن التمسك بالآية فهو أنها مخصوصة في حق المحصن وتخصيص عموم القرآن بالخبر المتواتر غير ممتنع، وأما قوله عليه السلام :" الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة " فلعل ذلك كان قبل قوله :" يا أنيس اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " وأما أنه عليه السلام جلد امرأة ثم رجمها، فلعله عليه السلام ما علم إحصانها فجلدها، ثم لما علم إحصانها رجمها، وهو الجواب عن فعل علي عليه السلام، فهذا ما يمكن من التكلف في هذه الأجوبة، والله أعلم.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon