قوله التغريب يفتح عليها باب الزنا، قلنا لا نسلم فإن أكثر الزنا بالإلف والمؤانسة وفراغ القلب، وأكثر هذه الأشياء تبطل بالغربة، فإن الإنسان يقع في الوحشة والتعب والنصب فلا يتفرغ للزنا والجواب : عن السابع، أي استبعاد في أن يكون الإنسان الذي يعجز عن ركوب الدابة يقدر على الزنا ؟ والجواب : عن الثامن أنه ينتقض بالتغريب إذا وقع على سبيل التعزير، والله أعلم.
المسألة الثالثة :
اتفقت الأمة على أن قوله سبحانه وتعالى :﴿الزانية والزانى﴾ يفيد الحكم في كل الزناة، لكنهم اختلفوا في كيفية تلك الدلالة فقال قائلون لفظ الزاني يفيد العموم، والمختار أنه ليس كذلك ويدل عليه أمور : أحدها : أن الرجل إذا قال لبست الثوب أو شربت الماء لا يفيد العموم وثانيها : أنه لا يجوز توكيده بما يؤكد به الجمع، فلا يقال جاءني الرجل أجمعون وثالثها : لا ينعت بنعوت الجمع فلا يقال جاءني الرجل الفقراء، وتكلم الفقيه الفضلاء، فأما قولهم أهلك الناس الدرهم البيض والدينار الصفر، فمجاز بدليل أنه لا يطرد، وأيضاً فإن كان الدينار الصفر حقيقة وجب أن يكون الدينار الأصفر مجازاً، كما أن الدنانير الصفر لما كانت حقيقة كان الدنانير الأصفر مجازاً ورابعها : أن الزاني جزئي من هذا الزاني، فإيجاب جلد هذا الزاني إيجاب جلد الزاني، فلو كان إيجاب جلد الزاني إيجاباً لجلد كل زان لزم أن يكون إيجاب جلد هذا الزاني إيجاب جلد كل زان، ولما لم يكن كذلك بطل ما قالوه.