بَلْ كَانَ
وُرُودُهُ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ غَرَّبَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفَ فِي الْخَمْرِ إلَى خَيْبَرَ فَلَحِقَ بِهِرَقْلَ، فَقَالَ عُمَرُ :" لَا أُغَرِّبُ بَعْدَهَا أَحَدًا " وَلَمْ يَسْتَثْنِ الزِّنَا.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبِكْرَيْنِ إذَا زَنَيَا :" يُجْلَدَانِ وَلَا يُنْفَيَانِ وَإِنَّ نَفْيَهُمَا مِنْ الْفِتْنَةِ " وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ :" أَنَّ أَمَةً لَهُ زَنَتْ، فَجَلَدَهَا وَلَمْ يَنْفِهَا ".
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ :" كَفَى بِالنَّفْيِ فِتْنَةً ".
فَلَوْ كَانَ النَّفْيُ ثَابِتًا مَعَ الْجَلْدِ عَلَى أَنَّهُمَا حَدُّ الزَّانِي لَمَا خَفِيَ عَلَى كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَشِبْلٌ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ :﴿ إذَا زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ ﴾.
وَقَدْ حَوَى هَذَا الْخَبَرُ الدَّلَالَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّفْيُ ثَابِتًا لَذَكَرَهُ مَعَ الْجَلْدِ، وَالثَّانِي : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :﴿ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ﴾ فَإِذَا كَانَ جَلْدُ الْأَمَةِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرَّةِ وَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِّهَا بِالْجَلْدِ دُونَ النَّفْيِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْحُرَّةِ هُوَ الْجَلْدُ وَلَا نَفْيَ فِيهِ.


الصفحة التالية
Icon