ثُمَّ كَانَ رَجْمُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَقَوْلُهُ :﴿ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا ﴾ بَعْدَ حَدِيثِ عُبَادَةَ، فَلَوْ كَانَ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ ثَابِتًا لَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَلَدَهُ بَعْضَ الْحَدِّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْصَانِهِ، ثُمَّ لَمَّا ثَبَتَ إحْصَانُهُ رَجَمَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا.
وَيَحْتَمِلُ حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي جَلْدِهِ شُرَاحَةَ ثُمَّ رَجْمِهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الذِّمِّيِّينَ هَلْ يُحَدَّانِ إذَا زَنَيَا ؟ فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ :" يُحَدَّانِ " إلَّا أَنَّهُمَا لَا يُرْجَمَانِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُرْجَمَانِ إذَا كَانَا مُحْصَنَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ، وَقَالَ مَالِكٌ :" لَا يُحَدُّ الذِّمِّيَّانِ إذَا زَنَيَا ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى :﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الذِّمِّيِّينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا ﴾ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ.


الصفحة التالية
Icon