وَإِذَا لَمْ يَضْرِبْ الْوَجْهَ فَالرَّأْسُ مِثْلُهُ ؛ لِأَنَّ الشَّيْنَ الَّذِي يَلْحَقُ الرَّأْسَ بِتَأْثِيرِ الضَّرْبِ كَاَلَّذِي يَلْحَقُ الْوَجْهَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِاجْتِنَابِ الْوَجْهِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَلِئَلَّا يَلْحَقَهُ أَثَرٌ يَشِينُهُ أَكْثَرُ مِمَّا هُوَ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا يَلْحَقُ الرَّأْسَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ كَمَا يَلْحَقُ الْوَجْهَ أَنَّ الْمُوضِحَةَ وَسَائِرَ الشِّجَاجِ حُكْمُهَا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ سَوَاءٌ وَفَارَقَا سَائِرَ الْبَدَنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ؛ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ فِيمَا سِوَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ إنَّمَا تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ وَلَا يَجِبُ فِيهَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، فَوَجَبَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اسْتِوَاءُ حُكْمِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فِي اجْتِنَابِ ضَرْبِهِمَا.
وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ لِمَا يُخَافُ فِيهِ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْبَصَرِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الرَّأْسِ ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الرَّأْسِ يَظْلِمُ مِنْهُ الْبَصَرُ وَرُبَّمَا حَدَثَ مِنْهُ الْمَاءُ فِي الْعَيْنِ وَرُبَّمَا حَدَثَ مِنْهُ أَيْضًا اخْتِلَاطٌ فِي الْعَقْلِ، فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تَمْنَعُ ضَرْبَ الرَّأْسِ.
وَأَمَّا اجْتِنَابُ الْفَرْجِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا مَقْتَلٌ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْدُثَ أَكْثَرُ مِمَّا هُوَ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ :" الضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا وَفِي التَّعْزِيرِ


الصفحة التالية
Icon