وَرَوَى عَاصِمُ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بِسَوْطٍ فِيهِ شِدَّةٌ فَقَالَ : أُرِيدُ أَلْيَنَ مِنْ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ فِيهِ لِينٌ فَقَالَ : أُرِيدُ أَشَدَّ مِنْ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ فَقَالَ : اضْرِبْ وَلَا يُرَى إبِطُك وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا حَدًّا، فَدَعَا بِسَوْطٍ فَأَمَرَ فَدُقَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى لَانَ ثُمَّ قَالَ : اضْرِبْ وَلَا تُخْرِجْ إبِطَك وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَلَّادِ : أَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَرَوَى حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :" كَانَ يُؤْمَرُ بِالسَّوْطِ فَتُقْطَعُ ثَمَرَتُهُ ثُمَّ يُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ يُضْرَبُ بِهِ، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ".
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ جَلَدَ رَجُلًا قَائِمًا فِي الْقَذْفِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذِهِ الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى مَعَانٍ : مِنْهَا اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ ضَرْبَ الْحُدُودِ بِالسَّوْطِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُضْرَبُ قَائِمًا ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ إعْطَاءُ كُلِّ عُضْوٍ حَقَّهُ إلَّا وَهُوَ قَائِمٌ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُضْرَبُ بِسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ.
وَإِنَّمَا قَالُوا :" إنَّهُ يُضْرَبُ مُجَرَّدًا " لِيَصِلَ الْأَلَمُ إلَيْهِ، وَيُضْرَبُ الْقَاذِفُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ أَخَفُّ.
وَإِنَّمَا قَالُوا :" لَا يُمَدُّ " ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً فِي الْإِيلَامِ غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ بِالْفِعْلِ وَلَا هُوَ مِنْ الْحَدِّ.


الصفحة التالية
Icon