وَقَدْ أُتِيَ عُمَرُ بِسَكْرَانٍ فِي رَمَضَانَ، فَضَرَبَهُ مِائَةً : ثَمَانِينَ حَدُّ الْخَمْرِ، وَعِشْرِينَ لِهَتْكِ حُرْمَةِ الشَّهْرِ ؛ فَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ تَتَرَكَّبَ الْعُقُوبَاتُ عَلَى تَغْلِيظِ الْجِنَايَاتِ، وَهَتْكِ الْحُرُمَاتِ.
وَقَدْ لَعِبَ رَجُلٌ بِصَبِيٍّ،
فَضَرَبَهُ الْوَالِي ثَلَاثَمِائَةِ سَوْطٍ، فَلَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ مَالِكًا حِينَ بَلَغَهُ، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى زَمَانَنَا هَذَا بِهَتْكِ الْحُرُمَاتِ وَالِاسْتِهْتَارِ بِالْمَعَاصِي، وَالتَّظَاهُرِ بِالْمَنَاكِرِ، وَبَيْعِ الْحُدُودِ، وَاسْتِيفَاءِ الْعَبِيدِ لَهَا فِي مَنْصِبِ الْقُضَاةِ ؟ ؛ لَمَاتَ كَمِدًا، وَلَمْ يُجَالِسْ أَحَدًا ؛ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
وَفِقْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَدَّ الْمَحْدُودَ، وَمَنْ شَهِدَهُ وَحَضَرَهُ يَتَّعِظُ بِهِ وَيَزْدَجِرُ لِأَجْلِهِ، وَيَشِيعُ حَدِيثُهُ ؛ فَيَعْتَبِرُ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : وَاخْتُلِفَ فِي تَحْدِيدِ الطَّائِفَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : وَاحِدٌ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِ ؛ قَالَ إبْرَاهِيمُ.
الثَّانِي : رَجُلَانِ فَصَاعِدًا ؛ قَالَهُ عَطَاءٌ.
الثَّالِثُ : ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا ؛ قَالَهُ قَوْمٌ.
الرَّابِعُ : أَرْبَعَةٌ فَصَاعِدًا ؛ قَالَ عِكْرِمَةُ.
الْخَامِسُ : أَنَّهُ عَشْرَةٌ.
وَحَقِيقَةُ الطَّائِفَةِ فِي الِاشْتِقَاقِ فَاعِلَةٌ مِنْ طَافَ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾.
وَذَلِكَ يَصِحُّ فِي الْوَاحِدِ.


الصفحة التالية
Icon