والجلد مأخوذ من وصول الضرب إلى الجلد. فأما المحصنان فحدهما الرجم بالسنة إما بياناً لقوله تعالى في سورة النساء :﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ﴾ [ النساء : ١٥ ] على قول فريق : وإما ابتداء فرض على قول آخرين. وروى زر بن حبيش عن أُبَيٍّ أن في مصحفه من سورة الأحزاب ذكر الرجم :" إِذَا زَنَى الشَّيخُ وَالشَّيخَةُ فَارْجُمَوهُمَا البَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
". ﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ﴾ أي في طاعة الله، وقد يعبر بالدين عن الطاعة.
﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ أي إن كنتم تقيمون طاعة الله قيام من يؤمن بالله واليوم الآخر، والرأفة الرحمة ولم ينه عنها لأن الله هو الذي يوقعها في القلوب وإنما نهى عما تدعو الرحمة إليه، وفيه قولان :
أحدهما : أن تدعوه الرحمة إلى إسقاط الحد حتى لا يقام، قاله عكرمة.
الثاني : أن تدعوه الرحمة إلى تخفيف الضرب حتى لا يؤلم، قاله قتادة.
واستنبط هذا المعنى الجنيد فقال : الشفقة على المخالفين كالإِعراض عن المواقعين ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ﴾ يعني بالعذاب الحد يشهده عند الإِقامة طائفة من المؤمنين، ليكونوا زيادة في نكاله وبينة على إقامة حده واختلف في عددهم على أربعة أقاويل :
أحدها : أربعة فصاعداً، قاله مالك والشافعي.
الثاني : ثلاثة فصاعداً، قاله الزهري.
الثالث : اثنان فصاعداً، قال عكرمة.
الرابع : واحد فصاعداً، قاله الحسن، وإبراهيم.
ولما شرط الله إيمان من يشهد عذابهما، قال بعض أصحاب الخواطر : لا يشهد مواضع التأديب إلا من لا يستحق التأديب. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon