قال القاضي أبو محمد : وهذا تحكم، وقوله ﴿ لعلكم ﴾ أي على توقع البشر ورجائهم، وقرأ الجمهور الناس " الزانيةُ " بالرفع، وقرأ عيسى الثقفي " الزانيةَ " بالنصب وهو أوجه عن سيبويه لأنه عنده كقولك زيداً أضرب، ووجه الرفع عنده خبر ابتداء تقديره فيما يتلى عليكم ﴿ الزانية والزاني ﴾، وأجمع الناس على الرفع، وإن كان القياس عند سيبويه النصب، وأما الفراء والمبرد والزجاج فإن الرفع عندهم هو الأوجه والخبر في قوله ﴿ فاجلدوا ﴾ لأن المعنى ﴿ الزانية والزاني ﴾ مجلودان بحكم الله تعالى وهذا قول جيد وهو قول أكثر النحاة، وان شئت قدرت الخبر ينبغي أن يجلدا، وقرأ ابن مسعود " والزان " بغير ياء، وقدمت ﴿ الزانية ﴾ في اللفظ من حيث كان في ذلك الزمن زنى النساء أفشى وكان لأمراء العرب وبغايا الوقت رايات وكن مجاهرات بذلك وإذا العار بالنساء ألحق إذ موضعهن الحجبة والصيانة، فقدم ذكرهن تغليظاً واهتماماً، والألف واللام في قوله :﴿ الزانية والزاني ﴾ للجنس وذلك يعطي أنها عامة في جميع الزناة وهذه الآية باتفاق ناسخة لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة النساء، وجماعة العلماء على عموم هذه الآية وأن حكم المحصنين منسوخ منها، واختلفوا في الناسخ فقالت فرقة الناسخ السنة المتواترة في الرجم، وقالت فرقة بل القرآن الذي ارتفع لفظه وبقي حكمه وهو الذي قرأه عمر في المنبر بمحضر الصحابة :" الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة "، وقال إنا قرأناه في كتاب الله، واتفق الجميع على أن لفظه رفع وبقي حكمه، وقال الحسن بن أبي الحسن وابن راهويه ليس في هذه الآية نسخ بل سنة الرجم جاءت بزيادة، فالمحصن، على رأي هذه الفرقة يجلد ثم يرجم، وهو قول علي بن أبي طالب وفعله بشراحة ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon