قال الفقيه الإمام القاضي : وقول النبي عليه السلام في السوط دون هذا، ضرب من الرأفة وقال عمر اضرب ولا تبدين إبطك، واتفق الناس على أن الضرب سوط بين سوطين، وقال الزهري ضرب الزنا والفرية مشدد لأَنهما بمعنى واحد وضرب الخمر مخفف، وقوله ﴿ في دين الله ﴾ بمعنى في الإخلال بدين الله أَي بشرعه، ويحتمل أن يكون " الدين " هنا بمعنى الحكم، ثم قررهم على معنى التثبيت والحض بقوله :﴿ إن كنتم تؤمنون بالله ﴾ وهذا كما تقول لرجل تحضه إن كنت رجلاً فافعل كذا أي هذه أفعال الرجال وقوله ﴿ وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ﴾، المقصد بالآية الإغلاظ على الزناة والتوبيخ بحضرة الناس، فلا خلاف أن " الطائفة " كلما كثرت فهو أليق بامتثال الأمر، واختلف الناس في أَقل ما يجزىء فقال الحسن بن أبي الحسن لا بد من حضور عشرة رأى أن هذا العدد عقد خارج عن الآحاد وهي أقل الكثرة.
وقال ابن زيد وغيره ولا بد من حضور أربعة، ورأوا أن شهادة الزنا كذلك وأن هذا باب منه، وقال الزهري " الطائفة " ثلاثة فصاعداً، وقال عطاء وعكرمة لا بد من اثنين وهذا مشهور قول مالك فرآها موضع شهادة، وقال مجاهد : يجزىء الواحد ويسمى طائفة إلى الألف، وقاله ابن عباس ونزعا بقوله تعالى :﴿ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ﴾ [ التوبة : ١٢٢ ]، وقوله :﴿ وإن طائفتان ﴾ [ الحجرات : ٩ ] ونزلت في تقاتل رجلين، واختلف العلماء في التغريب، وقد غرب الصديق إلى فدك وهو رأي عمر وعثمان وعلي وأبي ذر وابن مسعود وأَبي بن كعب ولكن عمر بعد نفى رجلاً فلحق بالروم فقال لا أنفي أحداً بعدها، وفيه عن مالك قولان، ولا يرى تغريب النساء والعبيد واحتج بقوله عليه السلام " لا تسافر المرأة مسيرة يوم إلا مع ذي محرم "، وممن أبى التغريب جملة أصحاب الرأي، وقال الشافعي ينفى البكر رجلاً كان أو امرأة ونفى علي امرأة إلى البصرة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon