لو شهد على الزنا أقل من أربعة لا يثبت الزنا، وهل يجب حد القذف على الشهود فيه قولان : أحدهما : لا يجب لأنهم جاءوا مجيء الشهود، ولأنا لو حددنا لانسد باب الشهادة على الزنا، لأن كل واحد لا يأمن أن لا يوافقه صاحبه فيلزمه الحد والقول الثاني : وهو الأصح، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله : يجب عليهم الحد، والدليل عليه الوجهان اللذان ذكرناهما في المسألة الثالثة.
المسألة الخامسة :
إذا قذف رجل رجلاً فجاء بأربعة فساق فشهدوا على المقذوف بالزنا، قال أبو حنيفة رحمه الله : يسقط الحد عن القاذف ولا يجب الحد على الشهود.
وقال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه : يحدون، وجه قول أبي حنيفة قوله :﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء﴾ وهذا قد أتى بأربعة شهداء فلا يلزمه الحد.
ولأن الفاسق من أهل الشهادة وقد وجدت شرائط شهادة الزنا من اجتماعهم عند القاضي، إلا أنه لم تقبل شهادتهم لأجل التهمة، فكما اعتبرنا التهمة في نفي الحد عن المشهود عليه فكذلك وجب اعتبارها في نفي الحد عنهم، ووجه قول الشافعي رحمه الله أنهم غير موصوفين بالشرائط المعتبرة في قبول الشهادة فخرجوا عن أن يكونوا شاهدين، فبقوا محض القاذفين، وههنا آخر الكلام في تفسير قوله تعالى :﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء ﴾.
أما قوله تعالى :﴿فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
المخاطب بقوله :﴿فاجلدوهم﴾ هو الإمام على ما بيناه في آية الزنا، أو المالك على مذهب الشافعي، أو رجل صالح ينصبه الناس عند فقد الإمام.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon