اسْتِهْلَاكِ الْأَمْوَالِ ؛ إذْ مَا يَثْبُتُ عَلَى الْحُرِّ فَمِثْلُهُ يَثْبُتُ عَلَى الْعَبْدِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إقَامَةِ حَدِّ الْقَذْفِ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ :" لَا يُحَدُّ إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ ".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى :" يَحُدُّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ الْمَقْذُوفُ " وَقَالَ مَالِكٌ :" لَا يَحُدُّهُ الْإِمَامُ حَتَّى يُطَالِبَ الْمَقْذُوفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ سَمِعَهُ يَقْذِفُ فَيَحُدُّهُ إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ شُهُودٌ عُدُولٌ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْمَهْرِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : سَمِعْت ابْنَ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﴿ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ ﴾، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدٍّ لَمْ يَكُنْ يُهْمِلُهُ وَلَا يُقِيمُهُ، فَلَمَّا قَالَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ :﴿ ائْتِنِي بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِك ﴾ وَلَمْ يُحْضِرْ شُهُودًا وَلَمْ يَحُدَّهُ حِينَ لَمْ يُطَالِبْ الْمَقْذُوفَ بِالْحَدِّ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يُقَامُ إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ.