الحكم الأول : كيف كانت عقوبة الزنى في صدر الإسلام؟
كان عقوبة الزنى في صدر الإسلام. عقوبة حفيفة موقَّتة، لأن الناس كانوا حديثي عهد بحياة الجاهلية. ومن سنة الله جل وعلا في تشريع الأحكام، أن يسير بالأمة في طريق ( التدرج ) ليكون أنجح في العلاج. وأحكم في التطبيق، وأسهل على النفوس لتتتقبل شريعة الله عن - رضى واطمئنان - كما رأينا ذلك في تحريم الخمر والربا وغيرهما من الأحكام الشرعية.
وقد كانت العقوبة في صدر الإسلام هي ما قصه الله علينا في سورة النساء في قوله جل شأنه ﴿ واللاتي يَأْتِينَ الفاحشة مِن نِّسَآئِكُمْ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البيوت حتى يَتَوَفَّاهُنَّ الموت أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً * واللذان يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ الله كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ [ النساء : ١٥ - ١٦ ] فكانت عقوبة المرأة ( الحبس ) في البيت وعدم الإذن لها بالخروج منه، وعقوبة الرجل ( التأنيث والتوبيخ ) بالقول والكلام ثم نسخ ذلك بقوله تعالى :﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ... ﴾ الآية. ويظهر أن هذه العقوبة كانت أو الإسلام من قبيل ( التعزير ) لا من قبيل ( الحدّ ) بدليل التوقيت الذي أشارت إليه الآية الكريمة ﴿ حتى يَتَوَفَّاهُنَّ الموت أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً ﴾ [ النساء : ١٥ ] وقد استبدلت هذه العقوبة بعقوبة أشد هي ( الجلد ) للبكر و ( الرجم ) للزاني المحصن، وانتهى ذلك الحكم الموقت إلى تلك العقوبة الرادعة الزاجرة.