أولاً : أما الإسلام : فهو شرط لقوله ﷺ :" من أشرك بالله فليس بمحصن " وقد تقدم الحديث ومعناه على رأي جمهور العلماء : من أشرك بالله فلا حد على قاذفه، لأن غير المسلم ( المشرك ) لا يتورع عن الزنى فليس هناك ما يردعه عن ارتكاب الفاحشة إذ أنه ليس بعد الكفر ذنب، وكل جريمة تتصور من الكافر.
قال ابن العربي : ولأن عِرض الكافر لا حرمة له، كالفاسق المعلن لا حرمة لعرضه، بل هو أولى لزيادة الكفر على المعلن بالفسق.
ثانياً : وأما العقل : فلأنَّ الحد إنما شرع للزجر عن الأذية بالضرر الواقع على المقذوف، ولا مضرة على من فقد العقل، فلا يحد قاذفه.
ثالثاً : وأما البلوغ : فالأصل فيه أن الطفل لا يتصور منه الزنى كما لا يتصور النظر من الأعمى، فلا يحد قاذف الصغير أو الصغيرة عند الجمهور. وقال مالك رحمه الله : إذا رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنى كان قذفاً : وقال أحمد رحمه الله : في الصبيَّة بنت تسع يحد قاذفها.
قال ابن العربي : والمسألة محتملة مشكلة، لكن مالك غلْب عرض المقذوف، وغيره راعي حماية ظهر القاذف، وحمايةُ عرض المقذوف أولى لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه فلزمه الحد. وصحح ابن المنذر الرأي الأول فقال : لا يحد من قذف من لم يبلغ، لأن ذلك كذب ويعزر على الأذى.


الصفحة التالية
Icon