أما التعريض : فمثل أن يقول :( لست بزانٍ.. وليست هي بزانية )، وقد اختلف العلماء في التعريض هل هو من القذف الموجب للحد أم لا؟ فذهب ( مالك ) رحمه الله إلى أنه قذف، وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا يكون قذفاً إلا إذا قال أردت به القذف.
دليل مالك :
استدل مالك بما روي عن عمرة بنت عبد الرحمن : أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر : واللَّهِ ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار عمر في ذلك فقال قائل : مدح أباه وأمه وقال آخرون : قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى أن تجلده الحد، فجلده ثمانين.
وقد حبس عمر رضي الله عنه الحطيئة لما قال :
دع المكارمَ لا تَرْحل لبغيتها | واقعد فإنك أنتَ الطّاعمُ الكاسي |
قال القرطبي : والدليل لما قاله ( مالك ) هو أن موضوع الحد في القذف إنما هو لإزالة المعرّة التي أوقعها القاذف بالمقذوف فإذا حصلت المعرة بالتعريض وجب أن يكون قذفاً وقد قال تعالى حكاية عن مريم ﴿ ياأخت هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امرأ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٨ ] فمدحوا أباها ونفوا عن أمها البغاء. وعرّضوا لمريم بذلك ولذلك قال تعالى :﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ على مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً ﴾ [ النساء : ١٥٦ ] وكفرُهم معروف، والبهتانُ العظيم هو التعريض لها أي ما كان أبوك امرأ سوء، وما كانت أمك بغيا، أي وأنت بخلافهما وقد أتيت بهذا الولد.
دليل الشافعية والأحناف :
استدل الشافعي وأبو حنيفة بأن التعريض بالقذف محتمل للقذف ولغيره، والاحتمال شبهة والحدود تدرأ بالشبهات كما ورد في الحديث :( ادرءوا الحدود بالشبهات ).