وقال القرطبى :
﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) ﴾
فيه ثلاثون مسألة :
الأولى : قوله تعالى :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ﴾ "أنفسُهم" بالرفع على البدل.
ويجوز النصب على الاستثناء، وعلى خبر "يكن".
﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ ﴾ بالرفع قراءة الكوفيين على الابتداء والخبر ؛ أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حدّ القذف أربع شهادات.
وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو "أربعَ" بالنصب ؛ لأن معنى "فشهادةُ" أن يشهد ؛ والتقدير : فعليهم أن يشهد أحدهم أربعَ شهادات، أو فالأمر أن يشهد أحدهم أربع شهادات ؛ ولا خلاف في الثاني أنه منصوب بالشهادة.
﴿ والخامسة ﴾ رفع بالابتداء.
والخبر "أنّ" وصلتها ؛ ومعنى المخففة كمعنى المثقلة لأن معناها أنه.
وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة وعاصم في رواية حفص "والخامِسةَ" بالنصب، بمعنى وتشهد الشهادة الخامسة.
الباقون بالرفع على الابتداء، والخبر في "أنّ لعنَة اللَّهِ عليهِ" ؛ أي والشهادة الخامسة قوله : لعنة الله عليه.
الثانية : في سبب نزولها، وهو ما رواه أبو داود عن ابن عباس " أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبيّ ﷺ بشَرِيك بن سَحْماء ؛ فقال النبيّ ﷺ :"البَيّنَة أو حدٌّ في ظهرك" قال : يا رسول الله، إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته يلتمس البينة! فجعل النبيّ ﷺ يقول :"البينةَ وإلا حَدٌّ في ظهرك" فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولَيُنْزِلنّ الله في أمري ما يبرىء ظهري من الحدّ ؛ فنزلت ﴿ والذين يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ﴾ فقرأ حتى بلغ "مِن الصادِقِين" " الحديث بكماله.


الصفحة التالية
Icon