قال الشافعي رحمه الله إذا قذف الزوج زوجته فالواجب هو الحد ولكن المخلص منه باللعان، كما أن الواجب بقذف الأجنبية الحد والمخلص منه بالشهود، فإذا نكل الزوج عن اللعان يلزمه الحد للقذف، فإذا لاعن ونكلت عن اللعان يلزمها حد الزنا، وقال أبو حنيفة رحمه الله إذا نكل الزوج عن اللعان حبس حتى يلاعن، وكذا المرأة إذا نكلت حبست حتى لا تلاعن حجة الشافعي وجوه : أحدها : أن الله تعالى قال في أول السورة :﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ [ النور : ٤ ] يعني غير الزوجات ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [ النور : ٤ ] ثم عطف عليه حكم الأزواج فقال :﴿والذين يَرْمُونَ أزواجهم وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فشهادة أَحَدِهِمْ﴾ الآية فكما أن مقتضى قذف الأجنبيات الإتيان بالشهود أو الجلد فكذا موجب قذف الزوجات الإتيان باللعان أو الحد وثانيها : قوله تعالى :﴿وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا العذاب أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بالله﴾ والألف واللام الداخلان على العذاب لا يفيدان العموم لأنه لم يجب عليها جميع أنواع العذاب فوجب صرفهما إلى المعهود السابق والمعهود السابق هو الحد لأنه تعالى ذكر في أول السورة ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين﴾ [ النور : ٢ ] والمراد منه الحد وإذا ثبت أن المراد من العذاب في قوله :﴿وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا العذاب﴾ هو الحد ثبت أنها لو لم تلاعن لحدت وأنها باللعان دفعت الحد، فإن قيل المراد من العذاب هو الحبس.
قلنا قد بينا أن الألف واللام للمعهود المذكور، وأقرب المذكورات في هذه السورة العذاب بمعنى الحد، وأيضاً فلو حملناه على الحد لا تصير الآية مجملة.