وقرأ نافع ﴿ أَن لَّعْنَةُ ﴾ بتخفيف ﴿ إن ﴾ ورفع ﴿ لَّعْنَةُ ﴾ و﴿ أَنَّ غَضَبَ ﴾ بتخفيف أن وغضب فعل ماض والجلالة بعد مرفوعة، و﴿ إن ﴾ في الموضعين مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، ولم يؤت بأحد الفواصل من قد والسين ولا بينها وبين الفعل في الموضع الثاني لكون الفعل في معنى الدعاء فما هناك نظير قوله تعالى :﴿ أَن بُورِكَ مَن النار ﴾ [ النمل : ٨ ] فلا غرابة في هذه القراءة خلافاً لما يوهمه كلام ابن عطية.
وقرأ الحسن.
وأبو رجاء، وقتادة.
وعيسى.
وسلام.
وعمرو بن ميمون.
والأعرج.
ويعقوب بخلاف عنهما ﴿ أَن لَّعْنَةُ ﴾ كقراءة نافع و﴿ أَنَّ غَضَبَ ﴾ بتخفيف ﴿ إن ﴾ و﴿ غَضَبَ ﴾ مصدر مرفوع، هذا وظاهر قوله تعالى :﴿ والذين يَرْمُونَ أزواجهم ﴾ [ النور : ٦ ] العموم والمذكور في كتب الأصحاب أنه يشترط في القاذف وزوجته التي قذفها أن يكون لهما أهلية أداء الشهادة على المسلم فلا يجري اللعان بين الكافرين والمملوكين ولا إذا كان أحدهما مملوكاً أو صبياً أو مجنوناً أو محدوداً في قذف، ويشترط في الزوجة كونها مع ذلك عفيفة عن الزنا وتهمته بأن لم توطأ حراماً لعينه ولو مرة بشبهة أو بنكاح فاسد ولم يكن لها ولد بلا أب معروف في بلد القذف، واشتراط هذا لأن اللعان قائم مقام حد القذف في حق الزوج كما يشير إليه ما قدمناه من الخبر لكن بالنسبة إلى كل زوجة على حدة لا مطلقاً ألا ترى أنه لو قذف بكلمة أو كلمات أربع زوجات له بالزنا لا يجزيه لعان واحد لهن بل لا بد أن يلاعن كلاً منهن، ولو قذف أربع أجنبيات كذلك حد حداً واحداً بهن، فمتى لم تكن الزوجة ممن يحد قاذفها كما إذا لم تكن عفيفة لم يتحقق في قذفها ما يوجب الحد ليقام اللعان مقامه، وأما اشتراط كونهما ممن له أهلية أداء الشهادة فلأن اللعان شهادات مؤكدات بالأيمان عندنا خلافاً للشافعي فإنه عنده أيمان مؤكدة وهو الظاهر من قول مالك.


الصفحة التالية
Icon