واستدل أصحابنا على أنه شهادات مؤكدة بأيمان بالآية أيضاً لأن الحمل على الحقيقة يجب عند الإمكان وقوله سبحانه وتعالى :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ﴾ [ النور : ٦ ] أثبت أنهم شهداء لأن الاستثناء من النفي إثبات وجعل الشهداء مجازاً عن الحالفين يصير المعنى ولم يكن لهم حالفون إلا أنفسهم وهو غير مستقيم لأنه يفيد أنه إذا لم يكن للذين يرمون أزواجهم من يحلف لهم يحلفون لأنفسهم وهذا فرع تصور حلف الإنسان لغيره ولا وجود له أصلاً فلو كان معنى اليمين حقيقياً للفظ الشهادة كان هذا صارفاً عنه إلى مجازه كيف وهو مجازي لها ولو لم يكن هذا كان إمكان العمل بالحقيقة موجباً لعدم الحمل على اليمين فكيف وهذا صارف عن المجاز وما توهم كونه صارفاً مما ذكر غير لازم قوله قبول الشهادة لنفسه وتكرر الأداء لا عهد بهما قلنا : وكل من الحلف لغيره والحلف لإيجاب الحكم لا عهد به بل اليمين لرفع الحكم فإن جاز شرعية هذين الأمرين في محل بعينه ابتداء جاز أيضاً شرعية ذلك ابتداءً بل هي أقرب لعقلية كون التعدد في ذلك أربعاً بدلاً عما عجز عنه من إقامة شهود الزنا وهم أربع وعدم قبول الشهادة له عند التهمة ولذا تثبت عند عدمها أعظم ثبوت قال الله عز وجل :﴿ شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ [ آل عمران : ١٨ ] فغير بعيد أن تشرع عند ضعفها بواسطة تأكيدها باليمين وإلزام اللعنة والغضب إن كان كاذباً مع عدم ترتب موجبها في حق كل من الشاهدين إذ موجب شهادة كل إقامة الحد على الآخر وليس ذلك بثابت هنا بل الثابت عند الشهادتين هو الثابت بالأيمان وهو اندفاع موجب دعوى كل عن الآخر، وإنما قيل عندهما ولم يقل بهما لأن هذا الاندفاع ليس موجب الشهادتين بل هو موجب تعارضهما، وأما قوله : واليمين للنفي الخ فمحله ما إذا وقعت في إنكار دعوى مدع وإلا فقد يحلف على إخبار بأمر نفي أو إثبات وهنا كذلك فإنها على صدقه في الشهادة، والحق أنها


الصفحة التالية
Icon