الطرف الثاني : الملاعن قال الشافعي رحمه الله من صح يمينه صح لعانه، فيجري اللعان بين الرقيقين والذميين والمحدودين، وكذا إذا كان أحدهما رقيقاً أو كان الزوج مسلماً والمرأة ذمية، قال أبو حنيفة رحمه الله لا يصح في صورتين إحداهما : أن تكون الزوجة ممن لا يجب على قاذفها الحد إذا كان أجنبياً نحو أن تكون الزوجة مملوكة أو ذمية والثاني : أن يكون أحدهما من غير أهل الشهادة بأن يكون محدوداً في قذف أو عبداً أو كافراً، ثم زعم أن الفاسق والأعمى مع أنهما ليسا من أهل الشهادة يصح لعانهما، وجه قول الشافعي رحمه الله أن ظاهر قوله تعالى :﴿والذين يَرْمُونَ أزواجهم﴾ يتناول الكل ولا معنى للتخصيص والقياس أيضاً ظاهر من وجهين : الأول : أن المقصود دفع العار عن النفس، ودفع ولد الزنا عن النفس، وكما يحتاج غير المحدود إليه فكذا المحدود محتاج إليه والثاني : أجمعنا على أنه يصح لعان الفاسق والأعمى، وإن لم يكونا من أهل الشهادة فكذا القول في غيرهما، والجامع هو الحاجة إلى دفع عار الزنا، ووجه قول أبو حنيفة رحمه الله النص والمعنى، أما النص فما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه عليه السلام قال :" أربع من النساء ليس بينهن وبين أزواجهن ملاعنة اليهودية والنصرانية تحت المسلم والحرة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر " أما المعنى فنقول أما في الصورة الأولى فلأنه كان الواجب على قاذف الزوجة والأجنبية الحد بقوله :﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ [ النور : ٤٠ ] ثم نسخ ذلك عن الأزواج وأقيم اللعان مقامه فلما كان اللعان مع الأزواج قائماً مقام الحد في الأجنبيات لم يجب اللعان على من لا يجب عليه الحد لو قذفها أجنبي، وأما في الصورة الثانية فالوجه فيه أن اللعان شهادة فوجب أن لا يصح إلا من أهل الشهادة وإنما قلنا إن اللعان شهادة لوجهين : الأول : قوله تعالى :{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فشهادة أَحَدِهِمْ