قيل : والعجب من الشافعي عليه الرحمة لا يقبل شهادة الزوج عليها بالزنا مع ثلاثة عدول ثم يوجب الحد عليها بقوله وحده وإن كان عبداً فاسقاً، وأعجب منه أن اللعان يمين عنده وهو لا يصلح لإيجاب المال ولا لإسقاطه بعد الوجوب وأسقط به كل من الرجل والمرأة الحد عن نفسه وأوجب به الرجم الذي هو أغلظ الحدود على المرأة، فإن قال : إنما يوجب عليها لنكولها بامتناعها عن اللعان قلنا : هو أيضاً من ذلك العجب فإن كون النكول إقراراً فيه شبهة والحد مما يندفع بها مع أنه غاية ما يكون بمنزلة إقراره مرة، ثم إن هذه الشبهة أثرت عنده في منع إيجاب المال مع أنه يثبت مع الشبهة فكيف يوجب الرجم به وهو أغلظ الحدود وأصعبها إثباتاً وأكثرها شروطاً انتهى، وليراجع في ذلك كتب الشافعية.
وفي "النهر" نقلاً عن الاسبيجابي أنهما يحبسان إذا امتنعا عن اللعان بعد الثبوت، ثم قال : وينبغي حمله على ماذا لم تعف المرأة كما في "البحر"، وعندي في حبسها بعد امتناعه ننوع إشكال لأن اللعان لا يجب عليها إلا بعد لعانه فقبله ليس امتناعاً لحق وجب عليها انتهى.
وأجاب الطحطاوي بأنه بعد الترافع منهما صار إمضاء اللعان حق الشرع فإذا لم تعف وأظهرت الامتناع تحبس بخلاف ما إذا أبى هو فقط فلا تحبس انتهى.
وقيل : ليس المراد امتناعهما في آن واحد بل المراد امتناعه بعد المطالبة به وامتناعها بعد لعانه فتأمل.