قال الزجاج : وليس القاذف بأشدّ جرماً من الكافر، فحقه إذا تاب وأصلح أن تقبل شهادته، قال : وقوله ﴿ أَبَدًا ﴾ أي : ما دام قاذفاً، كما يقال لا تقبل شهادة الكافر أبداً فإن معناه : ما دام كافراً.
انتهى.
وجملة ﴿ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ تعليل لما تضمنه الاستثناء من عدم المؤاخدة للقاذف بعد التوبة، وصيرورته مغفوراً له، مرحوماً من الرحمن الرحيم، غير فاسق، ولا مردود الشهادة، ولا مرفوع العدالة.
ثم ذكر سبحانه بعد ذكره لحكم القذف على العموم حكم نوع من أنواع القذف، وهو قذف الزوج للمرأة التي تحته بعقد النكاح فقال ﴿ والذين يَرْمُونَ أزواجهم وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ﴾ أي : لم يكن لهم شهداء يشهدون بما رموهنّ به من الزنا إلا أنفسهم بالرفع على البدل من شهداء.
قيل : ويجوز النصب على خبر يكن.
قال الزجاج : أو على الاستثناء على الوجه المرجوح ﴿ فشهادة أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شهادات ﴾ قرأ الكوفيون برفع أربع على أنها خبر لقوله ﴿ فشهادة أَحَدِهِمْ ﴾ أي : فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حدّ القذف أربع شهادات.
وقرأ أهل المدينة، وأبو عمرو :" أربع " بالنصب على المصدر.
ويكون ﴿ فشهادة أَحَدِهِمْ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي : فالواجب شهادة أحدهم، أو مبتدأ محذوف الخبر أي : فشهادة أحدهم واجبة.
وقيل : إن أربع منصوب بتقدير : فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات وقوله :﴿ بالله ﴾ متعلق بشهادة أو بشهادات، وجملة ﴿ إِنَّهُ لَمِنَ الصادقين ﴾ هي المشهود به، وأصله على أنه، فحذف الجار وكسرت إن، وعلق العامل عنها.


الصفحة التالية
Icon