الرابع : اعلم أن الحد الواجب بالزنى نوعان : جلد ورجم. فالجلد حد البكرين الحرّين إذا زنيا. فيجلد كل واحد منهما مائة جلدة. وفي تغريبهما سَنة، وتغريب الزاني وحده كذلك، خلاف. نعم، إذا رآه الإمام مصلحة فلا خلاف في إمضائه. والرجم حد الزانيين المحصنين. والإحصان عبارة عن البلوغ والعقل والحرية والدخول في النكاح الصحيح. فلا يقتل بالسيف، بل ينكل بالرجم، لا بصخرة تدفف، ولا بحصيات تعذب، بل بحجارة معتدلة، كما في " الوجيز " وقد اعترض جماعة الخوارج على تشريع الرجم في الإسلام وقالوا : إن الله لم يأمر به في كتابه العزيز. فالذي ورد في عقاب الزنى في القرآن حكمان. أحدهما قوله تعالى :﴿ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ﴾ [ النساء : ١٥ - ١٦ ]، وهذا الحكم قد نسخ - أي : بيّن - بالحكم الثاني وهو قوله تعالى :﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ ٢ ]، هذه حجة الخوارج. أما حجة الإجماع فهي ورود الآثار الصحيحة الدالة على أن النبي ﷺ أمر برجم المحصن، وفعلَه. وروي لذلك جملة أحاديث وأحكام عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كذا في كتاب " المقابلات " وسبقه الرازيّ في " تفسيره " فطوَّل النفس في سوق شبهة الخوارج، وأجاب عنها بما ملخصه : أن الآية المذكورة مخصوصة بالبكر، خصصها بالخبر