مستقل بنفي الولد فوجب أن يكون الاعتبار بقوله في الإلحاق لا بقولها، ألا ترى أنها في لعانها تلحق الولد به ونحن ننفيه عنه فيعتبر نفي الزوج لا إلحاق المرأة، ولهذا إذا أكذب الزوج نفسه ألحق به الولد وما دام يبقى مصراً على اللعان فالولد منفي عنه إذا ثبت أن لعانه مستقل بنفي الولد وجب أن يكون مستقلاً بوقوع الفرقة، لأن الفرقة لو لم تقع لم ينتف الولد لقوله عليه السلام :
" الولد للفراش " فما دام يبقى الفراش التحق به، فلما انتفى الولد عنه بمجرد لعانه وجب أنه يزول الفراش عنه بمجرد لعانه، وأما الأخبار التي استدل بها أبو حنيفة رحمه الله فالمراد به أن النبي عليه السلام أخبر عن وقوع الفرقة وحكم بها وذلك لا ينافي أن يكون المؤثر في الفرقة شيئاً آخر، وأما الأقيسة التي ذكرها فمدارها على أن اللعان شهادة وليس الأمر كذلك بل هو يمين على ما بينا، وأما قوله : اللعان لا إشعار فيه بوقوع الحرمة.
قلنا بينته على نفي الولد مقبولة ونفي الولد يتضمن نفي حلية النكاح والله أعلم.
المسألة الثانية :
قال مالك والشافعي وأبو يوسف والثوري وإسحق والحسن المتلاعنان لا يجتمعان أبداً، وهو قول علي وعمر وابن مسعود، وقال أبو حنيفة ومحمد إذا أكذب نفسه وحد زال تحريم العقد وحلت له بنكاح جديد.
حجة الشافعي رحمه الله أمور : أحدها : قوله عليه السلام للملاعن بعد اللعان " لا سبيل لك عليها " ولم يقل حتى تكذب نفسك ولو كان الإكذاب غاية لهذه الحرمة لردها رسول الله ﷺ إلى هذه الغاية، كما قال في المطلقة بالثلاث ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [ البقرة : ٢٣٠ ].


الصفحة التالية
Icon