" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
قوله :﴿ إِنَّ الذين جَآءُوا بالإفك ﴾ :
في خبر " إنَّ " وجهان، أحدهما : أنه " عُصْبةٌ " و " منكم " صفتُه. قال أبو البقاء :" وبه أفادَ الخبر ". والثاني : أنَّ الخبرَ الجملةُ مِنْ قولِه ﴿ لاَ تَحْسَبُوهُ ﴾ ويكونُ " عُصْبَةٌ " بدلاً من فاعلِ " جاؤوا ". قال ابن عطية :" التقديرُ : إنَّ فِعْلَ الذين. وهذا أنْسَقُ في المعنى وأكثرُ فائدةً من أَنْ يكونَ " عُصبةٌ " خبرَ إنَّ. كذا أورده عنه الشيخ غيرَ معترِضٍ عليه. والاعتراضُ عليه واضحٌ : من حيث إنه أوقع خبرَ " إنَّ " جملةً طلبيةً، وقد تقدم أنه لا يجوزُ. وإن وَرَدَ منه شيءٌ في الشعر أُوِّل كالبيتين المتقدمين، وتقديرُ ابنِ عطيةَ ذلك المضافَ قبل الموصولِ ليَصِحَّ به التركيبُ الكلاميُّ ؛ إذ لو لم يُقَدِّرْ لكان التركيبُ : لا تَحْسَبوهم. ولا يعودُ الضمير في " لا تَحْسَبوه " على قولِ ابنِ عطيةَ على الإِفكِ لئلا تَخْلُوَ الجملةُ من رابطٍ يَرْبِطُها بالمبتدأ. وفي قولِ غيرِه يجوزُ أَنْ يعودَ على الإِفك أو على القَذِف، أو على المصدرِ المفهومِ من " جاؤوا " أو على ما نال المسلمين من الغَمِّ.
قوله :﴿ كِبْرَهُ ﴾ العامَّةُ على كسرِ الكافِ، وضَمَّها في قراءته الحسنُ والزهريُّ وأبو رجاء وأبو البرهسم وابن أبي عبلة ومجاهد وعمرة بنت عبد الرحمن، ورُوِيَتْ أيضاً عن أبي عمروٍ والكسائيّ فقيل : هما لغتان في مصدرِ كَبُرَ الشيءُ أي : عَظُم، لكن غَلَبَ في الاستعمالِ أنَّ المضمومَ في السِّنِّ والمكانةِ يُقال : هو كُبْرُ القومِ بالضمِّ أي : أكبرُهم سِنَّاً أو مكانةً. وفي الحديث في قصة مُحَيِّصَة وحُوَيِّصَة " الكُبْرَ الكُبْرَ " وقيل : الضم معظمُ الإِفْكِ، وبالكسرِ البُداءَةُ به. وقيل : بالكسر الإِثمُ.


الصفحة التالية
Icon