والسبب فيه أنه في أوقات البلاء يَسُدُّ اللَّهُ على أوليائه عيونَ الفراسةِ إكمالاً للبلاء. وكذلك إبراهيم - عليه السلام - لم يميِّز ولم يعرف الملائكة حيث قَدَّمَ إليها العِجْلَ الحنيذ، وتوهمهم أضيافاً. ولوط عليه السلام لم يعرف أنهم ملائكة إلى أن أخبروه أنهم ملائكة.
ويقال إنه كان - ﷺ - يقول لعائشة :" يا حُمَيرَاء "
فلما كان زمان الإفك، وأرسلها إلى بيت أبويها، واستوحش الأبوان معها، ومَرِضَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - من الحزن والوجد، كان رسول الله - ﷺ - إذا رأى واحداً من دار أبي بكر يقول :
" كيف بيتكم؟ لا عائشة ولا حميراء فما كان يطيب بالتغافل عنها، فتعبيره - إن لم يُفهَمْ بالتصريح - فيُفْقَهُ بالتلويح.
ثم إنه - سبحانه - قال :﴿ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىْءٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ ﴾ : فبمقدار جُرْمِهم احتمل كلُّ واحدٍ ما يخصُّه من الوِزْر.
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)
عاتبهم على المبادرة إلى الاعتراض وبَسْطِ ألسنتهم بالسوء عنها، وتَرْكِهم الإعراض عن حُرَم النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال : وهلاَّ جاءوا على ما قالوا بالشهداء؟ وإذا لم يجدوا ذلك مَهَلاَّ سكتُوا عن بَسْطِ اللسان؟. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ٢ صـ ٥٩٦ ـ ٥٩٨﴾