وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَةٌ : قَوْله تَعَالَى :( لِمِثْلِهِ ) يَعْنِي فِي عَائِشَةَ ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ إلَى نَظِيرِ الْقَوْلِ فِي الْمَقُولِ عَنْهُ بِعَيْنِهِ، أَوْ فِيمَنْ كَانَ فِي مَرْتَبَتِهِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إذَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِرْضِهِ وَأَهْلِهِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ مِنْ فَاعِلِهِ.
قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ : سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ : مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أُدِّبَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ :﴿ يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ فَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ.
قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ : مَنْ سَبَّ عَائِشَةَ أُدِّبَ، كَمَا فِي سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ فِي عَائِشَةَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ :﴿ لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ﴾.
وَلَوْ كَانَ سَلْبُ الْإِيمَانِ فِي سَبِّ عَائِشَةَ حَقِيقَةً لَكَانَ سَلْبُهُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ حَقِيقَةً.


الصفحة التالية
Icon