وقال ابن الجوزى :
ثم ذكر القاذفين فقال :﴿ ولولا فَضلُ اللهِ عليكُم ورَحمَته ﴾ أي : لولا ما منَّ [ الله ] به عليكم ﴿ لمسَّكم ﴾ أي : لأصابكم ﴿ فيما أفضتم ﴾ أي : أخذتم وخضتم ﴿ فيه ﴾ من الكذب والقذف ﴿ عذاب عظيم ﴾ في الدنيا والآخرة.
ثم ذكر الوقت الذي لولا فضله لأصابهم فيه العذاب فقال :﴿ إذ تَلقَّونَهُ ﴾ وكان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول : بلغني كذا، فيتلقاه بعضهم من بعض.
وقرأ عمر بن الخطاب :﴿ إذ تُلْقونه ﴾ بتاء واحدة خفيفة مرفوعة وإسكان اللام وقاف منقوطة بنقطتين مرفوعة خفيفة.
وقرأ معاوية وابن السميفع مثله، إلا أنهما فتحا التاء والقاف.
وقرأ ابن مسعود ﴿ تَتَلَقَّونه ﴾ بتاءين مفتوحتين مع نصب اللام وتشديد القاف.
وقرأ أبي بن كعب، وعائشة، ومجاهد، وأبو حيوة :﴿ تَلِقُونه ﴾ بتاء واحدة خفيفة مفتوحة وكسر اللام ورفع القاف.
وقال الزجاج : تُلْقونه يلقيه بعضكم إلى بعض وتلقونه ؛ ومعناه : إذ تسرعون بالكذب، يقال : ولق يلق : إذا أسرع في الكذب وغيره، قال الشاعر :
جاءَتْ به عَنْسٌ من الشَّامْ تلق...
أي : تسرع، وقال ابن قتيبة :﴿ تَلَقَّوْنَهُ ﴾ أي : تقبلونه، ومن قرأ :﴿ تَلِقونَهُ ﴾ أخذه من الولق، وهو الكذب.
قوله تعالى :﴿ وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ﴾ أي : من غير أن تعلموا أنه حق، وتحسبونه، يعني ذلك القذف ﴿ هَيناً ﴾ أي : سهلا لا إثم فيه، وهو عند الله عظيم في الوزر، ثم زاد عليهم في الإنكار فقال :﴿ ولولا إذ سَمِعتُمُوهُ قُلتُم مَا يَكُونُ لنا ﴾ أي : ما يحل وما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا سبحانك، وهو يحتمل التنزيه والتعجب.
وروت عائشة أن امرأة أبي أيوب الأنصاري قالت له : ألم تسمع ما يتحدث الناس؟ فقال :﴿ ما يكونُ لنا ان نَتَكَلَم بهذا ﴾ الآية فنزلت الآية.
وقد روينا آنفا أن أمه ذكرت له ذلك، فنزلت الآية المتقدمة.


الصفحة التالية
Icon