وجوز أن يكون إشارة إلى نوعه فإن قذف آحاد الناس المتصفين بالإحصان محرم شرعاً، وجاء عن حذيفة مرفوعاً أنه يهدم عمل مائة سنة فضلاً عن تعريض الصديقة حرمة رسول الله ﷺ، والكلام في توسيط الظرف على نحو ما مر ﴿ سبحانك ﴾ تعجب ممن تفوه به، وأصله أن يذكر عند معاينة العجيب من صنائعه تعالى شأنه تنزيهاً له سبحانه من أن يصعب عليه أمثاله ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه واستعماله فيما ذكر مجاز متفرع على الكناية، ومثله في استعماله للتعجب لا إله إلا الله، والعوام يستعملون الصلاة على النبي ﷺ في ذلك المقام أيضاً ولم يسمع في لسان الشرع بل قد صرح بعض الفقهاء بالمنع منه.
وجوز أن يكون ﴿ سبحانك ﴾ هنا مستعملاً في حقيقته والمراد تنيه الله تعالى شأنه من أن يصم نبيه عليه الصلاة والسلام ويشينه فإن فجور الزوجة وصمة في الزوج تنفر عنه القلب وتمنع عن اتباعه النفوس ولداً صان الله تعالى أزواج الأنبياء عليهم السلام عن ذلك، وهذا بخلاف الكفر فإن كفر الزوجة ليس وصمة في الزوج، وقد ثبت كفر زوجتي نوح عليهما السلام كذا قيل، وسيأتي إن شاء الله تعالى قريباً ما يتعلق به، وعلى هذا يكون ﴿ سبحانك ﴾ تقريراً لما قبله وتمهيداً لقوله سبحانه ﴿ هذا بهتان ﴾ أي كذب يبهت ويحير سامعه لفظاعته ﴿ عظِيمٌ ﴾ لا يقدر قدره لعظمة المبهوت عليه فإن حقارة الذنوب وعظمها كثيراً ما يكونان باعتبار متعلقاتها، والظاهر أن التوبيخ للسامعين الخائضين لا للسامعين مطلقاً، فقد روي عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما قيل في أمر عائشة رضي الله تعالى عنها قال : سبحانك هذا بهتان عظيم.
وعن سعيد بن المسيب أنه قال : كان رجلان من أصحاب النبي ﷺ إذا سمعا شيئاً من ذلك قالا ما ذكر أسامة بن زيد بن حارثة.
وأبو أيوب رضي الله تعالى عنهما.