وجوز أن يدعي أن النبي ﷺ كان عالماً بعدم جواز فجور نساء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لما فيه من النفرة المخلة بحكمة البعثة لكن أراد عليه الصلاة والسلام أن يظهر أمر براءة الصديقة رضي الله تعالى عنها ظهور الشمس في رابعة النهار بحيث لا يبقى فيها خفاء عند أحد من الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم، وما عراه من الهم إنما هو أمر طبيعي حصل بسبب خوض المنافقين ومن تبعهم وشيوع ما لا أصل له من الباطل بين الناس، ويحتمل أنه ﷺ كان عالماً بأن السلامة من المنفر من شروط النبوة لكن خشي من الله عز وجل الذي لا يجب عليه شيء أن لا يجعل ما خاض المنافقون وأتباعهم فيه من المنفر بأن لا يرتب سبحانه خلق النفرة في القلوب عليه ليمنع من الاتباع فتختل حكمة البعثة فداخله عليه الصلاة والسلام من الهم ما داخله وجعل يتتبع الأمر على أتم وجه وما ذلك إلا من مزيد العلم ونهاية الحزم، ونظيره من وجه خوفه عليه الصلاة والسلام من قيام الساعة عند اشتداد الريح بحيث لا يستطيع أن ينام ما دام الأمر كذلك حتى تمطر السماء.
وقيل : يجوز أن لا يعد فجور الزوجة منفراً إلا إذا أمسكت بعدم العلم به فلم لا يجوز أن يقع فيجب طلاقها وإذا طلقت لا يتحقق المنفر المخل بالحكمة، هذا ولا يخفى عليك ما في بعض الاحتمالات من البحث بل بعضها في غاية البعد عن ساحة القبول، ولعل الحق أنه عليه الصلاة والسلام قد أخفى عليه أمر الشرطية إلى أن اتضح أمر البراءة ونزلت الآيات فيها لحكمة الابتلاء وغيره مما الله تعالى أعلم به.


الصفحة التالية
Icon