وقال القاسمى :
﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
أي : لعوجلتم بالعقاب، بسبب ما خضتم فيه من الإفك. ولكنه واسع الفضل والرحمة. يمهل المذنب للتوبة، ويحلم عنه للأوبة.
﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ ﴾ أي : وقت تلقّي بعضكم من بعض :﴿ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً ﴾ أي : لا تبعة له ولا عقوبة على مشيعه :﴿ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ أي : والحال أنه عظيم في الوزر واستجرار العذاب. قال المهايمي : لأن الجراءة على رسول الله وعلى أوليائه، تشبه الجراءة على الله تعالى. قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾ والقول لا يكون إلا بالفم ؟ قلت : معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب، فيترجم عنه اللسان. وهذا الإفك ليس إلا قولاً يجري على ألسنتكم، ويدور في أفواهكم، من غير ترجمة عن علمٍ به في القلب. كقوله تعالى :﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [ آل عِمْرَان : ١٦٧ ]. انتهى. فالقيد ليس تأكيداً صرفاً، كنظر بعينه بل ليفيد نفيَه عما عداه. وقيل إنه توبيخ، كما تقول : قاله بملء فيه، فإن القائل ربما رمز، وربما صرّح وتشدّق. وقد قيل هذا في قوله :﴿ بدت البغضاء ﴾ [ آل عِمْرَان : ١١٨ ] وقيل : فائدته ألا يظن أنه كلام نفسي. فهو تأكيد لدفع المجاز. والسياق يقتضي الأول. كذا في " العناية ".


الصفحة التالية
Icon