وهذه المسألة هي التعليل الذي يستر الله به غَيْب الخَلْق عن الخَلْق، إذن : سَتْر غيب الناس عن الناس نعمة كبيرة تُثري الخير في المجتمع وتُنميه، ويجعلك تتعامل مع الآخرين، وتنتفع بهم على عِلاَّتهم، وصدق الشاعر الذي قال :
فَخُذْ بِعلْمي ولاَ تركَنْ إلىَ عَمِلي | وَاجْنِ الثمارَ وخَلِّ العُودَ للنَّارِ |
انظر كم فضل من الله تعالى تفضّل به على عباده في هذه الحادثة، ففي كل مرحلة من مراحل هذه القضية يقول سبحانه :﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ.. ﴾ [ النور : ٢٠ ] وهذا دليل على أن ما حدث كان للمؤمنين نعمة وخير، وإنْ ظنوه غير ذلك.
لكن أين جواب لولا؟ الجواب يُفهَم من السياق وتقديره : لَفُضحْتُم ولَهلكتم، وحصل لكم كذا وكذا، ولك أنْ تُقدِّره كما تشاء.
وما منع عنكم هذا كله إلا فضل الله ورحمته.
وفي موضع آخر يوضح الحق سبحانه منزلة هذا الفضل :﴿ قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [ يونس : ٥٨ ].
فالحق - سبحانه وتعالى - شرع منهجاً ويحب مَنْ يعمل به، لكن فرحة العبد لا تتم بمجرد العمل، وإنما بفضل الله ورحمته في تقبُّل هذا العمل. إذن : ففضْل الله هو القاسم المشترك في كل تقصير من الخَلْق في منهج الخالق عز وجل. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾