وعصية عصوا الله تعالى ورسوله " وفيه نوع تأييد لذلك أيضاً، لكن قيل : إنه يجوز أن يكون قد علم عليه الصلاة والسلام موتهم أو موت أكثرهم على الكفر فلم يلعن ﷺ إلا من علم موته عليه، ولا يخفى عليك الأحوط في هذا الباب، فقد صح " من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه " وأرى الدعاء للعاصي المعني بالصلاح أحب من لعنه على القول بجوازه، وأرى لعن من لعنه رسول الله ﷺ بالوصف أو بالشخص عبادة من حيث أن فيه اقتداءً برسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذا لعن من لعنه الله تعالى على الوجه الذي لعنه سبحانه به، هذا وقوله عز وجل :﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ ﴾ الخ إما متصل بما قبله مسوق لتقرير العذاب العظيم بتعيين وقت لحلوله وتهويله ببيان ظهور جناية الرامين المستتبعة لعقوباتها على كيفية هائلة وهيئة خارقة للعادات فيوم ظرف لما في ﴿ لَهُمْ ﴾ [ النور : ٢٣ ] من معنى الاستقرار لا لعذاب كما ذهب إليه الحوفي لما في جواز إعمال المصدر الموصوف من الخلاف، وقيل : لإخلاله بجزالة المعنى وفيه نظر، وأما منقطع عنه على أنه ظرف لا ذكر محذوفاً أو ل ﴿ يوفيهم ﴾ [ النور : ٢٥ ] الآتي كما قيل بكل، واختير أنه ظرف لفعل مؤخر وقد ضرب عنه الذكر صفحاً للإيذان بأن العبارة لا تكاد تحيط بتفصيل ما يقع فيه من العظائم والكلام مسوق لتهويل اليوم بتهويل ما يحويه كأنه قيل : يوم تشهد عليهم ﴿ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ يظهر من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به نطاق المقال على أن الموصول المذكور عبارة عن جميع أعمالهم السيئة وجناياتهم القبيحة لا عن جناياتهم المعهودة فقط.
ومعنى شهادة الجوارح المذكورة بها أنه عز وجل ينطقها بقدرته فتخبر كل جارحة منها بما صدر عنها من أفاعيل صاحبها لا أن كلاف منها يخبر بجنايتهم المعهودة فحسب.