وأبو حيوة ﴿ الحق ﴾ بالرفع على أنه صفة للاسم الجليل، ويجوز الفصل بالمفعول بين الموصوف وصفته، ومعنى الحق على هذه القراءة على ما قال الراغب الموجد للشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، وفسره بعضهم بالعادل، والأكثرون على تفسيره بالواجب لذاته، وكذا في قوله سبحانه :﴿ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الله هُوَ الحق المبين ﴾ والمبين إما من أبان اللازم أي الظاهر حقيته على تقدير جعله نعتاً للحق أو الظاهر ألوهيته عز وجل على تقدير جعله خبراً ثانياً أو من أبان المتعدي أي المظهر للأشياء كما هي في أنفسها، وجملة ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ معطوفة على جملة ﴿ يُوَفّيهِمُ الله ﴾ فإن كانت مقيدة بما قيدت به الأولى فالمعنى يوم إذ تشهد عليهم أعضاؤهم المذكورة بأعمالهم القبيحة يعلمون أن الله الخ، وإن لم تكن مقيدة بذلك جاز أن يكون المعنى ويعلمون عند معاينتهم الأهوال والخطوب أن الله الخ، والظاهر أن للشهادة على الأول وللمعاينة على الثاني دخلاً في حصول العلم بمضمون ما في حيز ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ فتأمل لتعرف كيفية الاستدلال على ذلك فإن فيه خفاء لا سيما مع ملاحظة الحصر المأخوذ من تعريف الطرفين وضمير الفصل، وقيل : إن علم الخلق بصفاته تعالى يوم القيامة ضروري : وإن تفاوتوا في ذلك من بعض الوجوه فيعلمون ما ذكر من غير مدخلية أحد الأمرين، ولعل فائدة هذا العلم يأسهم من إنقاذ أحد إياهم مما هم فيه أو انسداد باب الاعتراض المروح للقلب في الجملة عليهم أو تبين خطئهم في رميهم حرم رسول الله ﷺ بالباطل لما أن حقيته تأبى كونه عز وجل حقاً أي موجداً للأشياء بحسب ما تقتضيه الحكمة لما قدمنا من أن فجور زوجات الأنبياء عليهم السلام مخل بحكمة البعثة، وكذا تأتي كونه عز وجل حقاً أي واجباً لذاته بناءً على أن الوجوب الذاتي يستتبع الاتصاف بالحكمة بل بجميع الصفات الكاملة، وهذه الجملة ظاهرة جداً في أن الآية في ابن أبي وأضرابه من المنافقين