ولما أنتج هذا براءتها ـ رضى الله عنه ـ ا لأنها قرينة أطيب الخلق، أكده بقوله :﴿والطيبات﴾ أي منهن ﴿للطيبين﴾ أي منهم ﴿والطيبون للطيبات﴾ بذلك قضى العليم الخبير أن كل شكل ينضم إلى شكله، ويفعل أفعال مثله، وهو سبحانه قد اختار لهذا النبي الكريم لكونه أشرف خلقه خلص عباده من الأزواج والأولاد والأصحاب ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ [ آل عمران : ١١٠ ] " خيركم قرني " وكلما ازداد الإنسان منهم من قلبه ـ ﷺ ـ قرباً ازداد طهارة، وكفى بهذا البرهان دليلاً على براءة الصديقة ـ رضى الله عنه ـ ا، فكيف وقد أنزل الله العظيم في براءتها صريح كلامه القديم، وحاطه من أوله وآخره بهاتين الآيتين المشيرتين إلى الدليل العادي، وقد تقدم عند آية ﴿الزاني﴾ ذكر لحديث " الأرواح جنود مجندة " وما لاءمه، لكنه لم يستوعب تخريجه، وقد خرجه مسلم في الأدب من صحيحه وأبو داود في سننه من حديث أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف " وفي رواية عنه رفعها :" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف " وهذا الحديث روي أيضاً عن عائشة أم المؤمنين ـ رضى الله عنه ـ ا وعلي ابن أبي طالب وسلمان الفارسي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وعمرو بن عبسة ـ رضى الله عنه ـ م، وقد علق البخاري في صحيحه حديث عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا بصيغة الجزم، ووصله في كتاب الأدب المفرد وكذا الإسماعيلي في المستخرج، وأبو الشيخ في كتاب الأمثال، وتقدم عزوه إلى أبي يعلى، ولفظ حديث ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ " فما كان في الله ائتلف، وما كان في غير الله اختلف " أخرجه أبو الشيخ في الأمثال، ولفظ حديث ابن مسعود ـ رضى الله