فإن قيل فعلى هذا الوجه يلزم أن لا يتزوج الرجل العفيف بالزانية والجواب : ما تقدم في قوله :﴿الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً﴾ وقوله :﴿أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ﴾ يعني الطيبات والطيبين مما يقوله أصحاب الإفك، سوى قول من حمله على الكلمات فكأنه قال الطيبون مبرءون مما يقوله الخبيثون، ومتى حمل أولئك على هذا الوجه كان لفظه كمعناه في أنه جمع، ومتى حملته على عائشة وصفوان وهما اثنان فكيف يعبر عنهما بلفظ الجمع ؟ فجوابه من وجهين : الأول : أن ذلك الرمي قد تعلق بالنبي ﷺ وبعائشة وصفوان فبرأ الله تعالى كل واحد منهم من التهمة اللائقة به الثاني : أن المراد به كل أزواج النبي ﷺ، فكأنه تعالى برأهن من هذا الإفك.
لكن لا يقدح فيهن أحد كما أقدموا على عائشة، ونزه الرسول ﷺ بذلك عن أمثال هذا الأمر وهذا أبين كأنه تعالى بين أن الطيبات من النساء للطيبين من الرجال، ولا أحد أطيب ولا أطهر من الرسول، فأزواجه إذن لا يجوز أن يكن إلا طيبات، ثم بين تعالى أن :﴿لَهُم مَّغْفِرَةٌ﴾ يعني براءة من الله ورسوله ورزق كريم في الآخرة، ويحتمل أن يكون ذلك خبراً مقطوعاً به، فيعلم بذلك أن أزواج الرسول عليه الصلاة والسلام هن معه في الجنة، وقد وردت الأخبار بذلك ويحتمل أن يكون المراد بشرط اجتناب الكبائر والتوبة، والأول أولى لأنا إنما نحتاج إلى الشرط إذا لم يمكن حمل الآية عليه، أما إذا أمكن فلا وجه لطلب الشرط، وهذا يدل على أن عائشة رضي الله عنها تصير إلى الجنة بخلاف مذهب الرافضة الذين يكفرونها بسبب حرب يوم الجمل فإنهم يردون بذلك نص القرآن فإن قيل القطع بأنها من أهل الجنة إغراء لها بالقبيح.


الصفحة التالية
Icon