وقال القرطبى :
﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ﴾
قال ابن زيد : المعنى الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون للخبيثات، وكذا الطيّبات للطيّبين والطيّبون للطيّبات.
وقال مجاهد وابن جُبير وعطاء وأكثر المفسرين : المعنى الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول.
قال النحاس في كتاب معاني القرآن : وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية.
ودلّ على صحة هذا القول :﴿ أولئك مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ أي عائشة وصفوان مما يقول الخبيثون والخبيثات.
وقيل : إن هذه الآية مبنية على قوله :﴿ الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴾ الآية ؛ فالخبيثات الزواني، والطيبات العفائف، وكذا الطيبون والطيبات.
واختار هذا القول النحاس أيضاً، وهو معنى قول ابن زيد.
﴿ أولئك مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ يعني به الجنس.
وقيل : عائشة وصفوان، فجمع ؛ كما قال :﴿ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ﴾ [ النساء : ١١ ] والمراد أخوان ؛ قاله الفراء.
و﴿ مُبَرَّءُونَ ﴾ يعني منزّهين مما رُمُوا به.
قال بعض أهل التحقيق : إن يوسف عليه السلام لما رُمي بالفاحشة برّأه الله على لسان صبيّ في المهد، وإن مريم لما رُميت بالفاحشة برأها الله على لسان ابنها عيسى صلوات الله عليه، وإن عائشة لما رُميت بالفاحشة برّأها الله تعالى بالقرآن ؛ فما رضي لها ببراءة صبيّ ولا نبيّ حتى برأها الله بكلامه من القذف والبهتان.