فقال تعالى :﴿أو آبائهن﴾ أي فإن لهم عليهن من الشفقة ما يمنع النظر بالشهوة ومثلهم في هذا المعنى سواء الأعمام والأخوال وكل منهما والد مجازاً بدليل ﴿وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل﴾ ﴿أو آباء بعولتهن﴾ فإن رحمتهم لأولادهم مانعة ﴿أو أبنائهن﴾ فإن لهن عليهن من الهيبة ما يبعد عن ذلك ﴿أو أبناء بعولتهن﴾ فإن هيبة آبائهم حائلة ﴿أو إخوانهن﴾ فإن لهم من الرغبة في صيانتهن عن العار ما يحفظ من الريبة ﴿أو بني﴾ عدل به عن جمع التكسير لئلا يتوالى أربع مضمرات من غير فاصل حصين فتنقص عذوبته ﴿إخوانهن أو بني أخواتهن﴾ فإنهم كأبنائهن ﴿أو نسائهن﴾ أي المسلمات، وأما غير المسلمات فحكمهن حكم الرجال ؛ روى سعيد بن منصور في سننه عن عمر ـ رضى الله عنه ـ أنه كتب إلى عبيدة ـ رضى الله عنه ـ ينهى عن دخول الذميات الحمام مع المسلمات، وقال : فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها، وفي مسند عبد بن حميد نحوه عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما.
﴿وأما ما ملكت أيمانهن﴾ أي من الذكور والإناث وإن كن غير مسلمات لما لهن عليهن من الهيبة، وحمل ابن المسيب الآية على الإماء فقط ؛ قال أبو حيان : قال الزمخشري : وهذا هو الصحيح، لأن عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها خصيّاً كان أو فحلاً، وعن ميسون بنة بحدل الكلابية أن معاوية ـ رضى الله عنه ـ دخل عليها ومعه خصي فتقنعت منه فقال : هو خصي، فقالت : يا معاوية! أترى المثلة به تحلل ما حرم الله - انتهى.
وقصة مابور ترد هذا، وقوله : الكلابية، قال شيخنا في تخريج الكشاف : صوابه : الكلبية بإسكان اللام.


الصفحة التالية
Icon