أما قوله :﴿والله واسع عَلِيمٌ﴾ فالمعنى أنه سبحانه في الإفضال لا ينتهي إلى حد تنقطع قدرته على الإفضال دونه، لأنه قادر على المقدورات التي لا نهاية لها، وهو مع ذلك عليم بمقادير ما يصلحهم من الإفضال والرزق.
قوله تعالى :﴿وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ﴾.
اعلم أنه سبحانه لما ذكر تزويج الحرائر والإماء، ذكر حال من يعجز عن ذلك، فقال :﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ﴾ أي وليجتهد في العفة، كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف وحاملها عليه.
وأما قوله :﴿لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً﴾ فالمعنى لا يتمكنون من الوصول إليه، يقال لا يجد المرء الشيء إذا لم يتمكن منه، قال الله تعالى :﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ [ النساء : ٩٢ ] والمراد به بالإجماع من لم يتمكن، ويقال في أحدنا هو غير واجد للماء وإن كان موجوداً، إذا لم يمكنه أن يشتريه، ويجوز أن يراد بالنكاح ما ينكح به من المال، فبين سبحانه وتعالى أن من لا يتمكن من ذلك فليطلب التعفف، ولينتظر أن يغنيه الله من فضله، ثم يصل إلى بغيته من النكاح، فإن قيل أفليس ملك اليمين يقوم مقام نفس النكاح ؟ قلنا لكن من لم يجد المهر والنفقة، فبأن لا يجد ثمن الجارية أولى، والله أعلم.
الحكم التاسع
في الكتابة
قوله تعالى :﴿والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً، وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ﴾.
اعلم أنه تعالى لما بعث السيد على تزويج الصالحين من العبيد والإماء مع الرق، رغبهم في أن يكاتبوهم إذا طلبوا ذلك، ليصيروا أحراراً فيتصرفوا في أنفسهم كالأحرار، فقال :﴿والذين يَبْتَغُونَ الكتاب﴾ وههنا مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿والذين يَبْتَغُونَ﴾ مرفوع على الابتداء، أو منصوب بفعل مضمر يفسره فكاتبوهم، كقولك زيداً فاضربه، ودخلت الفاء لتضمن معنى الشرط.
المسألة الثانية :