" من أعان مكاتباً على فك رقبته أظله الله تعالى في ظل عرشه "، وروي أن رجلاً قال للنبي ﷺ علمني عملاً يدخلني الجنة قال :" لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعظمت المسألة، أعتق النسمة وفك الرقبة، فقال أليسا واحداً ؟ فقال لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها " قالوا ويؤكد هذا القول وجوه : أحدها : أنه أمر بإعطائه من مال الله تعالى وما أطلق عليه هذه الإضافة فهو ما كان سبيله الصدقة وصرفه في وجوه القرب.
وثانيها : أن قوله :﴿من مال الله الذي آتاكم﴾ هو الذي قد صح ملكه للمالك وأمر بإخراج بعضه، ومال الكتابة ليس بدين صحيح لأنه على عبده والمولى لا يثبت له على عبده دين صحيح.
وثالثها : أن ما آتاه الله فهو الذي يحصل في يده ويمكنه التصرف فيه، وما سقط عقيب العقد لم يحصل له عليه يد ملك، فلا يستحق الصفة بأنه من مال الله الذي آتاه، فإن قيل ههنا وجهان يقدحان في صحة هذا التأويل أحدهما : أنه كيف يحل لمولاه إذا كان غنياً أن يأخذ من مال الصدقة.
والثاني : أن قوله :﴿وَءَاتُوهُم﴾ معطوف على قوله :﴿فكاتبوهم﴾ فيجب أن يكون المخاطب في الموضعين واحداً، وعلى هذا التأويل يكون المخاطب في الآية الأولى السادات، وفي الثانية سائر المسلمين قلنا : أما الأول فجوابه أن تلك الصدقة تحل لمولاه وكذلك إذا لم تقف الصدقة بجميع النجوم وعجز عن أداء الباقي كان للمولى ما أخذه لأنه لم يأخذه بسبب الصدقة، ولكن بسبب عقد الكتابة كمن اشترى الصدقة من الفقير أو ورثها منه.


الصفحة التالية
Icon