ولما أتم سبحانه هذه الآيات في براءة عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا ومقدماتها و خواتيمها، قال عاطفاً على قوله أولها ﴿وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون﴾ :﴿ولقد أنزلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ترغيباً لكم وترهيباً ﴿إليكم﴾ أي لتتعظوا ﴿آيات مبينات﴾ مفصل فيها الحق من الباطل، موضح بالنقل والعقل بحيث صارت لشدة بيانها تبين هي لمن تدبرها طرق الصواب كما أوضحنا ذلك لمن يتدبره في براءة عائشة رضي الله تعالى عنها وما تقدمها وتتبعها مما هو صلاحكم في الدين والدنيا ﴿ومثلاً﴾ أي وشبهاً بأحوالكم ﴿من الذين خلوا من قبلكم﴾ أي من أحوالهم بما أنزل الله إليهم في التوراة في أحوال المخالطة والزنى وقذف الأبرياء كيوسف ومريم عليهما السلام وتبرئتهم كما قدمت كثيراً منه في سورة المائدة وغيرها مما صار في حسن سبكه في هذا الكتاب، وبديع حبكه عند أولي الألباب، كالأمثال السائرة، والأفلاك الدائرة ﴿وموعظة للمتقين﴾ بما فيه من الأحكام والفواصل المنبئة عن العلل المذكرة بما يقرب من الله زلفى، وينور القلب، ويوجب الحب والألفة، ويذهب وحر الصدر. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٢٦٠ ـ ٢٦٣﴾