وقوله :﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ] وقال :﴿ولكن جعلناه نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا﴾ [ الشورى : ٥٢ ] فقوله :﴿الله نُورُ السموات والأرض﴾ أي ذو نور السموات والأرض والنور هو الهداية ولا تحصل إلا لأهل السموات، والحاصل أن المراد الله هادي أهل السموات والأرض وهو قول ابن عباس والأكثرين رضي الله عنهم وثانيها : المراد أنه مدبر السموات والأرض بحكمة بالغة وحجة نيرة فوصف نفسه بذلك كما يوصف الرئيس العالم بأنه نور البلد، فإنه إذا كان مدبرهم تدبيراً حسناً فهو لهم كالنور الذي يهتدى به إلى مسالك الطرق، قال جرير :
وأنت لنا نور وغيث وعصمة.. وهذا اختيار الأصم والزجاج وثالثها : المراد ناظم السموات والأرض على الترتيب الأحسن فإنه قد يعبر بالنور على النظام، يقال ما أرى لهذا الأمر نوراً ورابعها : معناه منور السموات والأرض ثم ذكروا في هذا القول ثلاثة أوجه : أحدها : أنه منور السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء والثاني : منورها بالشمس والقمر والكواكب والثالث : أنه زين السماء بالشمس والقمر والكواكب وزين الأرض بالأنبياء والعلماء، وهو مروي عن أبي بن كعب والحسن وأبي العالية والأقرب هو القول الأول لأن قوله في آخر الآية :﴿يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ﴾ يدل على أن المراد بالنور الهداية إلى العلم والعمل.


الصفحة التالية
Icon