بالنسبة إلى الظاهر نور وبالنسبة إلى الباطن ظلمة، فكانت القوة العاقلة أشرف من القوة الباصرة التاسع : أن مدرك القوة العاقلة هو الله تعالى وجميع أفعاله، ومدرك القوة الباصرة هو الألوان والأشكال، فوجب أن تكون نسبة شرف القوة العاقلة إلى شرف القوة الباصرة كنسبة شرف ذات الله تعالى إلى شرف الألوان والأشكال العاشر : القوة العاقلة تدرك جميع الموجودات والمعدومات والماهيات التي هي معروضات الموجودات والمعدومات، ولذلك فإن أول حكمه أن الوجود والعدم لا يجتمعان ولا يرتفعان، وذلك مسبوق لا محالة بتصور مسمى الوجود ومسمى العدم فكأنه بهذين التصورين قد أحاط بجميع الأمور من بعض الوجوه.
وأما القوة الباصرة فإنها لا تدرك إلا الأضواء والألوان وهما من أخس عوارض الأجسام والأجسام أخس من الجواهر الروحانية، فكان متعلق القوة الباصرة أخس الموجودات.
وأما متعلق القوة العاقلة فهو جميع الموجودات والمعدومات فكانت القوة العاقلة أشرف.
الحادي عشر : القوة العاقلة تقوى على توحيد الكثير وتكثير الواحد، والقوة الباصرة لا تقوى على ذلك.