وقال الصغاني في مجمع البحرين : والقاع : المستوي من الأرض، والجمع أقواع وأقوع وقيعان، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، والقيعة مثل قاع، وهو أيضاً من الواو، وبعضهم يقول : هو جمع ؛ وقال ابن جرير : والقاع ما انبسط من الأرض واتسع، وفيه يكون السراب.
وقال عبد الغافر الفارسي في مجمع الغرائب : قال الفراء : القاع : مستنقع الماء، والقاع : المكان المستوي الواسع في وطأة من الأرض يعلوه المطر فيمسكه ويستوي نباته، وجمعه قيعة وقيعان.
﴿يحسبه الظمآن﴾ أي العطشان الشديد العطش من ضعف العقل ﴿ماء﴾ فيقصده ولا يزال سائراً ﴿حتى إذا جاءه﴾ أي جاء الموضع الذي توهمه به ﴿لم يجده شيئاً﴾ من الأشياء، فلم يفده قصده غير زيادة العطش بزيادة التعب، وبعده عن مواطن الرجاء، فيشتد بأسه، وتنقطع حليه فيهلك، وهكذا الكافر يظن أعماله تجديه شيئاً فإذا هي قد أهلكته.
ولما كان الله محيطاً بعلمه وقدرته بكل مكان قال :﴿ووجد الله﴾ أي قدرة المحيط بكل شيء ﴿عنده﴾ أي عند ذلك الموضع الذي قصده لما تخيل فيه الخير فخاب ظنه ﴿فوفاه حسابه﴾ أي جزاء عمله على ما تقتضيه أعماله على حكم العدل، فلم يكفِ هذا الجاهل خيبة وكمداً أنه لم يجد ما قصده شيئاً كغيره من السراب حتى وجد عنده الزبانية تعتله إلى نار، لا يفك أسيرها، ولا يخمد سعيرها.
ولما كان سبحانه لا يحتاج إلى كاتب، ولا يدخل عليه لبس، ولا يصعب عليه ضبط شيء وإن كثر، ولا يقد أحد أن يتأخر عما يريده به بنوع حيلة، عبر عن ذلك بقوله :﴿والله﴾ أي الذي له القدرة الكاملة والعلم الشامل ﴿سريع الحساب﴾ أي لأنه لا يحتاج إلى حفظ بقلب، ولا عقد بأصابع، ولا شيء غير ذلك، ولكنه عالم بذلك كله قبل أن يعمله العبد وبعد عمله له، لا يعزب عنه منه ولا من غيره شيء.